Image placeholder

لبنان: التقييم الأوّلي لتأثير جائحة فيروس كورونا على القطاع الاستخراجي وقضايا حوكمة الموارد

English »

الرسائل الرئيسية

  • • كان لبنان يعاني من أزمة اقتصادية حادة ما قبل كورونا، وجاءت ا الجائحة لتفاقم الوضع. ناشدت الحكومة صندوق النقد الدولي (IMF) لإنقاذها مالياً، ولكنها تتعرض حالياً لخطر المعاناة من نقص في الأغذية.
  • • استمر نشاط التنقيب عن النفط والغاز في ظل إجراءات الإغلاق، ولكن في أبريل/ نيسان أكدت الحكومة أن شركة توتال لم تعثر على غاز يمكن استغلاله تجارياً أثناء حفرها فلأول بئر للنفط والغاز في لبنان.
  • • في نهاية شهر مايو/ آيار، أجّلت وزارة الطاقة جولة التراخيص الثانية في لبنان للمرة الثالثة، حيث ساقت انخفاض أسعار النفط ووباء فيروس كورونا كأسباب رئيسية لذلك. ومع ذلك، فمن غير المُرجّح أن يتمكن لبنان من إبرام صفقات جيدة مع أي مستثمرين محتملين بسبب أوضاعه الاقتصادية والسياسية والمالية الصعبة.
  • • يدفع لبنان ثمناً باهظاً للنفط والديزل المستورد لتوليد الكهرباء. إذا استمر لبنان في تخطيط سياسة الطاقة لديه حول احتمال اكتشاف موارد جديدة للنفط والغاز بدلاً من التحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة، فمن المُرجّح أن يؤدي ذلك إلى تفاقم مشاكل البلد المالية.

موجز بالآثار الاقتصادية لوباء فيروس كورونا

يواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية مرت به منذ عقود. يعود جزء كبير من الأزمة إلى ما قبل جائحة فيروس كورونا، ولكن الجائحة قوّضت احتمالات الانتعاش الاقتصادي في لبنان. فقدت الليرة اللبنانية أكثر من ثلثي قيمتها منذ يناير/ كانون الثاني 2020، وأصبح الاحتياطي من الدولار الأمريكي محدوداً للغاية لدرجة أن البنوك قيّدت عمليات السحب. فشل لبنان في إجراء إصلاحات اقتصادية وكبح الفساد يعني قيام المُقرضين الدوليين بتقليص دعمهم، ما يترك خطة البلد للانتعاش غير مُموّلة إلى حد كبير. تُجري الحكومة اللبنانية حالياً مناقشات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ مالي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

استجابةً لجائحة فيروس كورونا، نفذ لبنان مجموعة من إجراءات الإغلاق، بما في ذلك فرض قيود على معظم الأعمال التجارية، وإغلاق المدارس، والحد من حركة الجمهور. في أواخر أبريل/ نيسان، عندما ارتفع عدد حالات فيروس كوفيد-91، علقت البلاد جهودها الرامية لتخفيف حالة الإغلاق تدريجيًا وإعادة تفعيل بعض الأنشطة الاقتصادية. يُعيد لبنان الآن محاولة تخفيف حالة الإغلاق.

في 20 مايو/ آيار، قال رئيس الوزراء، في مقال له  بصحيفة واشنطن بوست,، إن لبنان يتجه نحو أزمة غذائية كبيرة.

التأثير على قطاع النفط والغاز

لم تؤثر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية بشأن جائحة فيروس كورونا على أنشطة الحفر في أول بئر للنفط والغاز في لبنان، والمعروفة باسم بيبلوس-1 في القطاع البحري رقم 4. على العكس من ذلك، أعفت الحكومة الشركة المُشغِّلة توتال من إجراءات الإغلاق وسمحت لها بمواصلة العمل مع الالتزام بالاحتياطات التي اتخذتها السلطات المحلية لمنع انتشار الفيروس في سفينة الحفر. في 27 أبريل/ نيسان، أكد وزير الطاقة أنه لم يُعثر على غاز يمكن استغلاله تجارياً في بئر القطاع رقم 4.

تتمثل الخطوة التالية في قيام شركة توتال بحفر بئر استكشافي في القطاع رقم 9، والذي يقع جنوب بيروت، بحلول نهاية 2020/ أوائل 2021. قبل الإغلاق، كانت توتال تعمل على تقييم الأثر البيئي (EIA) للقطاع رقم 9. يتطلب القانون اللبناني من الشركة جدولة المشاورات العامة في المناطق ذات الصلة كجزء من عملية تقييم الأثر البيئي. كان من المتوقع إجراء المشاورات في منتصف العام، ولا ينبغي الشروع في أي أنشطة للحفر بدون إجراء المشاورات العامة. لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بالإمكان إجراء المشاورات في غضون الإطار الزمني المتوقع. إذا لم يتسنّ ذلك، فمن المحتمل تأخير تاريخ بدء الحفر. يجري حالياً النظر في إجراء استشارة عن بعد.

في 31 مايو/ آيار، أجّلت وزارة الطاقة جولة التراخيص الثانية في لبنان للمرة الثالثة، حيث ساقت انخفاض أسعار النفط ووباء فيروس كورونا كأسباب رئيسية لذلك. لم تحدد الوزارة موعداً نهائياً جديداً (كما فعلت مع إعلانيْ التأجيل السابقين) ولكنها قالت إنها تتوقع استكمال جولة التراخيص الثانية قبل نهاية عام 2021. في يناير/ كانون الثاني، غيّرت هيئة إدارة قطاع البترول اللبنانية  الموعد النهائي الأصلي من 31 يناير/ كانون الثاني إلى 30 أبريل/ نيسان للسماح للشركات الدولية بمزيد من الوقت لتقديم طلباتها. بعد ذلك غيرت الهيئة هذا الموعد إلى 1 يونيو/ حزيران بسبب الوباء.

ومع ذلك، فالمبررات المُقدّمة للتأجيل لا تحكي القصة كاملةً. حتى بدون جائحة فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، من غير المُرجّح أن يتمكن لبنان من الحصول على صفقات جيدة من المستثمرين الدوليين، وذلك بسبب الظروف السياسية والاقتصادية والمالية السيئة في البلد.

التأثير على قضايا حوكمة الموارد الطبيعية

بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الصعب، لن يكون هناك تركيز يُذكر من الجمهور على حوكمة النفط والغاز؛ حيث انصبّ تركيز الناس على الأزمة المباشرة. بسبب تأجيل جولة التراخيص الثانية  لا مجال ت لشركات النفط الدولية بتقديم طلبات للحصول على رخص الاستكشاف والانتاج، قد يكون من المرحج ان يطرح مبدأف إنشاء شركة نفط وطنية (NOC) لتعزيز تطوير قطاع النفط والغاز بغض النظر عن الظروف الاقتصادية العالمية. لذا من المهم أن تكون منظمات المجتمع المدني (CSOs) التي تعمل في القطاع الاستخراجي متيقظة لمخاطر اتخاذ القرار لدى السلطات في ذلك الوقت ومستعدة لمناقشات حول إنشاء شركة نفط وطنية رغم جميع التحديات التي تجلبها مثل هذه الخطوة.

تدعم  منظمة "انشر ما تدفع" الدولية غير الحكومية منظمات المجتمع المدني للانخراط في مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية (EITI) في لبنان. والمبادرة هي منظمة عالمية تنشر تقارير سنوية عن الشفافية في قطاع النفط والغاز والتعدين وتقدم اقتراحات حول تحسين حوكمة قطاع الاستخراج في البلدان. عملية انخراط لبنان في مبادرة الشفافية بطيئة ولم تُنفّذ بعد كل الخطوات ةلاسيما انتخاب منظمات المجتمع المدني ممثليهم في  مجلس أصحاب المصلحة والاسباب عديدة ولكن اليوم الوضع الاقتصادي والجائحة يؤثران على المسار ولاشك ان الزخم حول عملية EITI انخفض قليلا بعد النتائج السلبية للحفر في القطاع رقم 4.

النظرة المستقبلية

اليوم قطاع النفط والغاز في لبنان افاقه غير مؤكدة. نتائج القطاع رقم 4 جاءت سلبية، أجلت الحكومة جولة التراخيص الثانية حتى نهاية عام 2021. اصبح التركيز على القطاع رقم 9 واي تأخير في هذه الرقعة يعني تأخثر للقطاع ككل، والاخطر اذا قررت الشركات الانسحاب من لبنان بسبب الاتهيار الاقتصادي، سوف يعني ذلك نهاية قطاع النفط والغاز مرحليًا. على أقل تقدير، سيؤدي الوباء إلى تأخير تحقيق اكتشافات جديدة أو تعطيل القيام بالمزيد من الحفر. تحتاج الدولة إلى النظر في السيناريوهات المحتملة ووضع الخطط وفقًا لذلك.
 
على لبنان  إعادة النظر في استراتيجية الطاقة.. الاعتماد على زيت الوقود وزيت الديزل لإنتاج الكهرباء غير مستدام. يتسبب السعر المرتفع الذي يدفعه لبنان للوقود في عجز كبير في الميزانية. البدائل هي الغاز والطاقة المتجددة. الغاز "المحلي" (من حقول لبنان) لا يمثل حقيقة (بعد). يحتاج الغاز المستورد إلى محطات لتوليد الطاقة ولكن تلك المحطات غير جاهزة للعمل بعد. يفتقر قطاع الطاقة المتجددة حتى الآن إلى الزخم ويواجه قضايا تتعلق بالحوكمة، خاصةً فيما يتعلق بالترخيص.
 
لتجنب المخاطر المرتبطة بمستقبل قائم على الوقود الأحفوري، يجب على لبنان أن يولي اهتمامًا جادًا لتمكين الإصلاحات القانونية في قطاع الطاقة المتجددة من أجل الإسراع في تطويره.

Authors